يخطئ من يظن ان الفن مجرد وسيلة للتسلية او ترفيه بسيط يمارسه الاغنياء في اوقات فراغهم الفن اعمق من ذلك بكثير انه نبض الحضارات ومرآة الثقافات وعمود فقري لتطور المجتمعات على مر العصور كان الفن هو الشاهد الصامت على اعظم لحظات البشرية ومحركها الخفي نحو التقدم.
الفن لغة عالمية تتجاوز الحواجز الجغرافية واللغوية عبر لوحة او منحوتة او قطعة موسيقية يستطيع الفنان ان ينقل افكارا ومشاعر وتجارب انسانية لا يمكن للكلمات وحدها ان تصفها انه وسيلة للتعبير عن الذات الجمعية للشعوب وعن قيمها ومعتقداتها وتطلعاتها.
الفن يوثق التاريخ ويحفظ الذاكرة فقبل اختراع الكتابة كانت الرسوم على جدران الكهوف هي السجل الاول لحياة الانسان البدائي وحتى بعد ذلك ظل الفن يروي لنا قصص الملوك والحروب والانتصارات والهزائم انه مكتبة بصرية لا تفنى تحفظ لنا تفاصيل لم تستطع المخطوطات وحدها ان تستوعبها.
اضافة الى ذلك الفن الغنائي يغذي الروح وينمي الحس الجمالي يفتح مداركنا ويوسع افاقنا يجعلنا نرى العالم بمنظور مختلف اكثر عمقا وتأملا يشجع على التفكير النقدي وعلى طرح الاسئلة ويحث على الابداع والابتكار فكم من مبدع استلهم افكاره من عمل فني او من جمال طبيعي.
الفن ايضا عامل توحيد بين الشعوب والثقافات فكم من مرة تقاربت قلوب اناس مختلفين في المعتقدات والخلفيات بسبب قطعة موسيقية مؤثرة او عرض مسرحي راق او لوحة فنية عابرة للقارات الفن يخلق جسورا من التفاهم والتعاطف المشترك.
لذا فان الاستثمار في الفن ليس ترفا بل ضرورة حضارية هو استثمار في الوعي وفي الجمال وفي الهوية انه استثمار في الاجيال القادمة لكي يفهموا ماضيهم ويعبروا عن حاضرهم ويبنوا مستقبلهم بوعي وجمال لذلك يجب ان نعامل الفن ليس كخيار ثانوي بل كعنصر اساسي في نسيج حياتنا وثقافتنا.
بقلم الفنان احمد احمديوسف